ميريل رادوي كان هذا هو العنوان الذي وجدته يتناسب مع هذه المقالة قبل أن أتذكر مقولة لهذا اللاعب توجه بها لجمهور الهلال وقال (سألعب من قلبي لكي أبقى في قلوبكم) فكانت أنسب عنوان من وجهة نظري.
تمحصوا ودققوا في مقولة المقاتل الروماني واستشعروا معانيها واستنتجوا مدلولاتها, واسألوا لماذا قالها؟!! ولماذا توجه بها للجماهير الهلالية دون غيرهم؟!!
(سألعب من قلبي لكي أبقى في قلوبكم).. كلمات قليلة.. ولكن معانيها ثقيلة وتدل على الوفاء والإخلاص والحب والعشق للكيان الأزرق ولجماهيره الوفية, ولولا المحبة المتبادلة من الطرفين (رداوي والجماهير الهلالية) لما قال هذه الكلمات التي تنم عن عشق هذا اللاعب لجماهير الهلال وعشق جماهير الهلال لرادوي.
ثلاثة مواسم هي عمر ميريل رادوي في الملاعب السعودية قدم من خلالها الدروس للاعبينا في كيفية الاحتراف والالتزام والانضباط.. ثلاثة مواسم كان فيها ميريل رادوي العمود الفقري لنجاحات الهلال.. ثلاثة مواسم وميريل رادوي يكسب فيها الإعجاب من الخصوم قبل المحبين.. ثلاثة مواسم وميريل رادوي يؤسس لفكر جديد لدينا في خانة المحور ويقدم الدروس تلو الدروس لمن أراد أن يتعلم.. ثلاثة مواسم وميريل رادوي يقدم الإخلاص والتفاني للكيان بوجهه الصحيح.. ثلاثة مواسم وميريل رادوي يقدم التنازلات من أجل أن يستمر في الدوري السعودي الذي لم يكسب من خلاله إلا المادة.
وبعد هذه السنوات الثلاث من الحب المتبادل مع بني هلال والتي عاش فيها ميريل رادوي بين رضا المحبين, وسخط المنافسين, قال رادوي (أنا غير مرتاح للعب في الدوري السعودي مع احترامي للمملكة العربية السعودية وأهلها , ولكن منافسات كرة القدم السعودية يستخدم فيها كل أنواع الأسلحة والخروج عن النص والخروج عن روح التنافس الشريف, وأضاف التنافس غير الشريف في الرياضة السعودية أصبح لا يطاق والأجواء الرياضية السعودية مشحونة وحرمتني من خدمة نادي الهلال و الذي أعشقه حتى الثمالة و أعشق جماهير الزعيم الآسيوي).
هكذا فند (قاهر العذال) أسباب رحيله التي أرى بأنها منطقية جدا, فما حصل له في السنوات التي عاش فيها مع الهلال لم يحصل لغيره من النجوم الذين مروا على الكرة السعودية, وكان يستطيع مع هذا الهجوم الشرس الذي يأتيه من كل حدب وصوب أن يدفع الشرط الجزائي لنادي الهلال ومن ثم يرحل, ولكنه احترم عقده.. واحترم إدارة ناديه.. واحترم جماهير ناديه التي عشقها.. وأراد أن يكتب اسمه بماء من ذهب في سجلات نادي آسيا الأوحد.. وأن يسطر أحرف اسمه في قلوب الهلاليين.. فكان له ما أراد.
لقبوه بالمصارع.. واتهموه بالعنف.. وقالوا بأنه يحاول التأثير على الصغار لأتباع ديانته.. وطالبوا بشطبه.. ومن ثم طالبوا إدارات أنديتهم بجلب لاعبين يتصفون بصفاته.
سنوا أقلامهم للانتقاص منه.. وصفقوا لمجرد حصوله على كرت أصفر.. وبحثوا عن فتاوى لإبعاده.. وقالوا عنه ماقالوا.. ولكنه صبر عليهم وتحملهم ثلاث سنوات قبل أن ينفجر بتقديم خطاب للأمير عبدالرحمن بن مساعد يفند فيه معاناته.. ويشرح فيه أسباب عدم رغبته في البقاء.. وإن شرحنا تلك الأسباب فلن نوغل كثيرا بقدر مانقول للجماهير الهلالية لا تغضبوا من رحيل (قاهر العذال) فلقد قدم مافي جعبته لكم وحان الرحيل.. والوداع.. رغم أنني أعلم أنه من الصعوبة وداع من زرع في الملاعب السعودية الورود.. وقدم الدروس.. وأعطى معنى للإخلاص والتفاني وحب الانتصار وعدم الانهزامية.
فقط نقول للهلاليين ضعوا أنفسكم مكان رادوي.. واسألوا أنفسكم هل ستتحملون كلام التافهين؟!! وتسلط المتعجرفين؟!! وتشمت أهل العقول الفارغة؟!! وهل ستتحملون حديث البائسين؟!! أسأل وأنا كلي ثقة في أن هؤلاء لن يصبر عليهم من لديه ذرة إحساس.. ولا من يراعي كرامته.. ولا من يحافظ على سمعته..
إذن لا تحزنوا على رحيل من حافظ على كرامته.. ولا تغضبوا على من قدم لكم الحب والعشق ولعب لناديكم بكل إخلاص وتفان.. وتذكروا مقولته (سألعب من قلبي لكي أبقى في قلوبكم) وأعلموا أنه طبق مقولته ولعب مع الهلال من قلبه لكي يبقى في قلوبكم.
بقي أن نشير إلى أنه متى مابقينا على ممارسة هذا العبث الميولي فسوف يأتي اليوم الذي نجد فيه الدوري السعودي خاليا من النجوم المعروفة, ومن المدربين المرموقين, حينها سنندم على ما ارتكبناه بأيدينا ولن ينفعنا الندم.
مع تحياتي جروح الوفا