ما مرّ على العالم في هذه الأيام من حدث عظيم يتعلق بهذا الكون .. وهو خسوف القمر .. لهو حدث عظيم يأهل الإيمان ..
والمسلم إيه الفضلاء عندما تمر عليه مثل هذه الأحداث العظيمة .. ينبغي أن تكون له وقفة تأمل واعتبار ..
ولنا مع هذا الحدث وقفات :
الوقفة الأولى :
أن هذا الحادث هو تذكير للعباد بعظمة الله وقدرته .. وأن الله تعالى هو القادر على كل شيء .. المالك لكل شيء المتصرف في كل شيء ..
إنه الله جل جلاله .. إنه الملاذ في الشدة .. والأنيس في الوحشة .. والنصير في القلة ..
إنه الله جل جلاله .. سلوة الطائعين .. وملاذ الهاربين .. وملجأ الخائفين ..
إ
فلابد من تذكير النفس بأن هذا الكون بأنسه وجنّه وسمائه وأرضه وكواكبه ونجومه ومخلوقاته ما علمنا منها وما لم نعلم إنما هي مسخرة بأمر الله تعالى .. يتصرف فيها كيف يشاء سبحانه، ولا معترض عليه ..
الوقفة الثانية :
أن المسلم بما يحمل من عقيدة التوحيد يعلم أن ما يجري من أمطار وأعاصير ورياح وكسوف وخسوف إنما هي بقدر من الله جل وعلا .. لحكمة يريدها الله .. علمها البشر أو غابت عنهم ..
فالمسلم دائمًا يتأثر قلبه بالآيات الكونية التي يراها ماثلة أمام عينيه .. وهي تذكره بالله وتحيي قلبه وتجدد الإيمان فيه، وتجعله متصلاً بالله ذاكرًا له شاكرًا لنعمه مستجيرًا بالله من نقمته وسخطه.
نقول هذا لأن هناك ضعف بيّن وواضح جداً .. في جانب توحيد الربوبية ..
وإذا أردت أن تعرف هذا الضعف – والذي يغذيه الإعلام - فتأمل فقط في عنوانين الأخبار والتقارير في القنوات الفضائية والإعلام عموماً حتى تعرف مدى تغلل الشرك في الربوبية ( الشرك الأصغر ) .. وقد يصل عند البعض إلى الأكبر ؟؟!!
فالإعلام يربي الناس على أنّ هذا حدث طبيعيٌ ... بل ربما صار متعة عند البعض نسأل الله العافية ؟!! وهذا وإن حصل من بعض الكفار .. فالعجب كيف يحدث من المسلمين ؟!!!
فالواجب على رجال الإعلام خاصة وعلينا جميعاً أن نربط الناس بالله تعالى .. لا أن نربطهم بالطبيعة على طريقة ستالين ولينين !!
فما يجري من زلازل وبراكين وأمطار وأعاصير ورياح وكسوف وخسوف إنما هي بقدر من الله لحكمة يريدها الله .. علمها البشر أو غابت عنهم ..
هذا هو منطق أهل الإيمان ..
أما أهل المناهج المادية الأرضية البحتة .. فإنهم ينطلقون من تصوراتهم المادية لمثل هذه الأحداث .. من منطلقٍ طبيعيٍ أرضيٍ مادي !! فتراهم ينسبون مثل هذه الأحداث الكونية إلى الطبيعة ؟! ناسياً أو متناسياً قدرة الله العظيمة .. أو متأثرين باللوثة المادية .. وأن الطبيعة تخبط خبط عشواء ـ زعموا ـ أو يكون متبعاً للدراسات والتقارير التي تصدر عن الجهات التي لا تقيم للدين وزناً ..
إننا نحن المسلمين : نقر بأن لهذه الظواهر الكونية أسباباً طبيعية وأن أهل الفلك يستطيعون – بقدرة الله - معرفة وقوعه قبل وقوعه أحياناً عن طريق حسابات دقيقة .. ونقر أيضاً أن هناك أسباباً طبيعة خلقه الله في الأرض تجعل بعضها قابلة لهذه الحوادث ..
لكننا نؤكد ونعتقد بأنها ابتلاءات يخوف الله بها عباده .. من عاقبة ما يفعلون .. ومن جرم ما يرتكبون .. جعلها الله أسباباً لنستيقظ من غفلتنا .. ولنحاسب أنفسنا ولنلتفت إلى واقعنا .. فنحدث بعدها توبة .. ونصحح ما عنّ فيه من أخطاء ..
الوقفة الثالثة :
أنّ ما يحدث فى الأرض اليوم من الزلازل المدمرة .. والأعاصير القاصفة .. والحروب الطاحنة .. والمجاعات المهلكة .. والأمراض الفتاكة .. وحوادث المراكب البرية والبحرية والجوية .. من أعظم أسبابه الذنوب والمعاصي كما قال تعالى: " وَمَا أَصَابكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ " .
والمعاصي ما ظهرت في ديار إلا أهلكتها .. ولا فشت في أمة إلا أذلتها..
وها هنا أمر مهم لابد من معرفته وهو أن العقوبات الربانية تختلف.. فقد يكون زلزالا.. وقد يكون حروبًا.. وقد يكون تدهورًا في الاقتصاد وسوءا في الأوضاع المالية.. وكل ذلك عساهم أن يتوبوا وأن يتضرعوا إلى الله تعالى.. وعساهم أن ينيبوا إلى مولاهم وخالقهم جل وعلا.. وَمَا أَرْسَلْنَا في قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا ٱلضَّرَّاء وَٱلسَّرَّاء فَأَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ .
وإنه يحدث منا من الذنوب والمعاصي ما لا يحصى .. ومنه ما هو من الكبائر الموبقة كأكل الربا والرشوة وتبرج النساء وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفعل الفواحش وغير ذلك مما نتخوف منه نزول العقوبة صباحًا ومساءً، كما قال تعالى: أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ في تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ..
وفق الله الجميع ،،