أفضل ما قيل عن ماجدنا
أحدهم يروي قصه بطلها ماجد في العام 1396 هجرية، ووفقاً لمصادفة غريبة، كنت في التاسعة من عُمري! في بيت العائلة الكبير؛ أتذكّر أنني كنت أجلس على الأرض وأنا منحنٍ برأسي ناحية كتاب التاريخ للصف الرابع الابتدائي.. كنت أحاول بكلّ قواي حلّ مسألة تاريخية حدثت بين الروم والمسلمين بينما كان المذيع وقتها يصرخ في التلفزيون بإسم شخص لا علاقة له بما يحدث على أرض المعركة:
- ماجد أحمد عبدالله .. ماجد أحمد عبدالله!
كانت الشاشة تصوّر الثلث الأسفل لهذا اللاعب: "ساقيه". وقتها، لم يعنِ لي أي شيء لون هذا الأسمراني. لون الآبنوس، ورائحة المسك، وطعم الشوكولاتا الفاخرة هو ما طرأ على مخيلتي لأول مرة رأيت فيها ساقي هذا المخلوق العجيب. العجيب في استطالته، والمذهل في تكوين ساقيه، والمدهش في خطواته.. ما حدث وقتها، أنني تنصّلت من المشكلة التاريخية التي حدثت قبل أكثر من ألف سنة، ورفعت يدي عن الموضوع، وكتبت اعتذاراً لأرطبون الروم، ولعمرو بن العاص على هامش الكتاب، وأكمل الروم والمسلمين المعركة بدوني.. ورفعت رأسي لأرى ساقين لتركض، وتُطلق الكرة بنفاذية مذهلة..
ماجد .!.
حقيقة انا لا أهتمّ بحصر معدّلات التهديف لديه، ولا أهتمّ بوضعه على مقياس البراعة جنبا إلى جنب مع قُصار القامة أساساً , ولا بعقد مقارنة مع من لا يُقارن , ولا بترجيح أفضلية محتكر كل صِيَغ (أفضل)، ولا بتعريف الآخرين به في وقت أصبح للنكرات (ال) التعريف.. ولا أهتمّ بأصله، ولا بنسبه، ولا بلونه، ولا لمَ طُرِد، أو لمَ أصيب، أو لمَ فشل في التسجيل .... هذه المرّة.
لم أهتمّ للسؤال:
- هل حقّق ماجد بطولات لناديه، أو لوطنه، أو هل سجل اسمه في دفاتر المجد العالمي العظيم؟
لم أهتمّ مُذ رأيت تلك الساقين تركض، وحتّى رأيتها تتوقّف أن أسأل نفسي:
- هل أسعد ماجد عبدالله الملايين أم خذلهم، هل كان مؤثّراً أم غير مؤثّر، هل كان إيجابيا أم سلبيّاً، هل حقق رقماً عالمياً في تاريخ اللعبة أم خرج من الملعب خالي الوفاض؟!
لم أهتم حينها إلا بشيء واحد:
- إن هذا المخلوق صاحب الكاريزما العالية، والهائلة، والمطلقة، والمذهلة، والمرعبة.. أسعدني أنا شخصياً.. أنا وبس. إبن التسع سنين.
كنت وقتها وأنا الطفل الذي فرَح وعمره تسع سنوات بعدما بكى كثيراً.. الوطن الذي انتصر له ماجد، والمجد الذي وصل إليه، والفرَح الذي صنعه بساقيه المقوّستين قبل أن يُطلق منهما سهامه باتجاه الحُزن. إنّ التورّط في ملاحقة الأرقام , والإنجازات , والسّمعة الجيدة .. بالنسبة لي لم يكن خياراً مطروحاً أمام قضيّة محسومة , لأنّني وقت أن انسحبت من الحرب التي كانت تدور في كتاب التاريخ .. ودخلت كتاب المنتصرين وراء هذا الأسمر، أيقنت أن الإيمان ببطل..
رددوا معي هذه الجملة:
[أن الإيمان ببطل، أفضل مئة مرّة من حصر عدد الكومبارس الذين يقفون خلفه في الكواليس]