الأسطوره 50 كبار الشخصيات
عدد المساهمات : 1533 نقاط : 2711 درجة التقييم : 4 تاريخ التسجيل : 09/03/2011 الموقع : تاكي في مجلس الشورى
| موضوع: تركي الدخيل ومقال خارج عن السياق إبن عثيمين وحمد عبده الإثنين أبريل 04, 2011 5:39 am | |
| فالمقال وإن حاول أن يبين فيه تركي الدخيل أنه يظهر للجميع جانب غير معروف للشيخ الراحل الذي كان أحد العلماء الكبار في المملكة قبل أن يتوفى قبل عدة سنوات، إلا أن كل من إستمع لدروس ومحاضرات الشيخ يعرف حقيقة موقفه من الغناء والمغنين والذي حاول تركي الدخيل تغييرها في مقاله الضعيف.
ولإثبات صحة استنتاجاته أستشهد تركي الدخيل بما ذكره له محمد عبده عن أن الشيخ كان يرى إباحة الغناء وهو الأمر المنافي تماماً لكل فتواى الشيخ المعروفة عنه وإن كان هناك رأي لإبن حزم الأندلسي في إباحة الغناء معروف لدى كل العلماء المسلمين.
ونحن هنا لسنا بصدد البحث عن الحكم الشرعي للغناء ولإقامة الحفلات الموسيقية، بل نحن بصدد فهم ما يحاول تركي الدخيل أن يقوله في مقاله الخارج عن السياق الزمني والموضوعي والذي قام الدخيل فيه بأخذ أجزاء من الوقائع واستخدامها ليصل إلى نتيجته في الفقرة الأخيرة والتي تدعو إلى التسامح وعدم فصل المجتمع بكل فئاته.
وتبدأ رواية الدخيل أنه في رمضان من عام 1992 وجّه أحد معارف تركي الدخيل دعوة للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله، لتناول وجبه العشاء عنده في شقته الواقعة في إحدى العمائر المحيطة بالحرم المكي الشريف.
ووافق الشيخ الراحل على الدعوة، واتصل بصاحب الدعوة قبيل الموعد، واستأذنه أن يحضر إلى الدعوة وباصطحابه رفيقاً له وعندما طرق الشيخ العثيمين باب الشقة، فتح الداعي الباب ولسانه يلهج بعبارات الترحيب والفرح بضيفه الكبير، لكنه المفاجأة ألجمته، عندما رأى رفيق ضيفه المحتفى به.
"لم يكن رفيق الشيخ محمد بن عثيمين تلك الليلة سوى محمد عبده! نعم، أنه فنان العرب!" هذا ماقاله الدخيل.
وعلى الرغم من انقضاء السنوات الطويلة على هذه الحادثة إلا أن تركي الدخيل تذكرها قبل يومين من كتابة مقاله، وقال: "أول من أمس قضيت ليلة جميلة مع محمد عبده، فسألته عن الحادثة، فأكدها. ترحّم على الشيخ العثيمين بلغة المحبين، ثم قال: لقد كان إماماً لا في علمه ودينه فحسب، بل في خلقه وأدبه. ومضى محمد عبده، يتحدث عن محمد بن عثيمين، قائلاً: كان الشيخ رحمه الله يقول: أنا أرى حرمة الغناء، لكن محمد عبده يتبع قولاً لعلماء آخرين من أهل السنة والجماعة يرون إباحته."
وهنا ينهي الدخيل مقاله بقوله: "كانت لقاءات الشيخ العثيمين ومحمد عبده كثيرة، وبينهما ود، ومحبة، وهي تؤكد أن الشيخ الراحل، كان يدرك أن محاولة البعض فصل المجتمع وتقسيمه إلى فئات من المقبولين والمرفوضين لمجرد اختلافات قابلة للاجتهاد، هي أمر سيؤدي إلى العزلة الشعورية، التي قادت إلى الهجرة النفسية من مجتمع إلى مجتمع، وإن كان المجتمعان يعيشان في نفس البلد، ثم إلى شقاق وتباغض وربما عنف وشحناء."
لا خلاف أن محمد عبده كان بصحبة الشيخ العيثميمين ولكن الدخيل وكأنه (أسقط سهوا") السياق الزمني للقائهما، إذ أن محمد عبده كان وقتها قد أعلن (اعتزاله للغناء والتوبة إلى الله منه) في تلك الفترة أو فلنقل على أقل تقدير أنه كان ينوي الإعتزال قبل أن يعتزل الغناء فعلياً.
واعتزال محمد عبده كان مبنياً على قرار ديني بالتوبة من الغناء والكل يعلم التوجه الديني لمحمد عبده في تلك الفترة. ومازال محمد عبده متأثراً بتوبته عن الغناء في تلك الفترة حتى بعد عودته إلى الغناء مرة أخرى. إذ من المعروف لدى الجميع أن محمد عبده لم يعد يسمح بدخول الخمر إلى حفلاته وأنه أصبح يتوقف عن الغناء قبل صلاة الفجر ويذهب لأداء الصلاة ثم يعود بعدها لإكمال حفلاته.
ومن الواضح أن الشيخ العيثمين كان يحاول جذب محمد عبده في تلك الفترة إليه بعد علمه بنيته في الاعتزال والتوبة وهذا ليس دليل على أن الشيخ كان يقضي أوقاته مع المغنين وأهل الفن، وهو المعروف بموقفه المعارض لإباحة الغناء.
والأدهى والأمر أن الدخيل يستشهد بما قاله محمد عبده عن أن الشيخ العثيمين قد صرح له بأن محمد عبده يتبع قولاً لعلماء آخرين من أهل السنة والجماعة يرون إباحته. فإذا كان الغناء مباحاً فلم تاب محمد عبده عنه إذا؟ وماهي استدلالات محمد عبده عن كلام إبن عثيمين وهو المعروف بتحريمه للغناء وللحفلات الموسيقية؟
ويقول إبن عثيمين عن الغناء في أحد فتاواه: "استماع الموسيقى والأغاني حرام ولا شك في تحريمه وقد جاء عن السلف من الصحابة والتابعين أن الغناء ينبت النفاق في القلب واستماع الغناء من لهو الحديث والركون إليه وقد قال الله تعالى : {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين} قال ابن مسعود في تفسير الآية : والله الذي لا إله إلا هو أنه الغناء وتفسير الصحابي حجة وهو في المرتبة الثالثة في التفسير ثم أن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى وقوع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) يعني يستحلون الزنا والخمر والحرير وهم رجال لا يجوز لهم لبس الحرير،والمعازف هي آلة اللهو ـ رواه البخاري من حديث أبي مالك الأشعري أو أبي عامر الأشعري ـ وعلى هذا فإنني أوجه النصيحة إلى أخواني المسلمين بالحذر من سماع الأغاني والموسيقى وألا يغتروا بقول من قال من أهل العلم بإباحة المعازف لأن الأدلة على تحريمه واضحة وصريحة."
وهل يعقل أن يعترف الشيخ إبن عثيمين سراً بتعاطفه مع محمد عبده في إتباعه لمن قالوا بإباحة الغناء، وهو يحرمه على الملأ ويقول أن رأي الإباحة ليس بالقول الذي يمكن الاعتماد عليه لتعارضه مع الأدلة التي أوردها في فتواه؟
ولو أن الدخيل قام بعرض استنتاجاته بدون التطرق لموضوع الشيخ لكان من حقه أن يدعو إلى ما يدعوا إليه من عدم التفرقة بين المجتمع.
ولكن ليس من حق أي كاتب سواء كان الدخيل أو غيره أن يقوم بتغييب الصورة الكاملة للمواقف التي يشهدها، وخصوصاً في مثل هذه الحالة التي توفي صاحبها الشيخ العيثيمين ولا يستطيع أحد أن يتبين حقيقة ما قاله محمد عبده عن تعاطف الشيخ العيثيمين معه في غناءه.
وليس من حق الدخيل تغيير صورة الشيخ أو إظهارها أو تأويلها بعد وفاته من غير الرجوع إلى السياق الكامل للأحداث.
وأنا أتوقع أن يبدأ البعض عند وصولهم إلى هذا السطر بالتفكير في حرمة الغناء وإباحته ونسيانً الهدف الذي كتب من أجله هذا المقال.
وأعتذر لمن يرون أني أقف ضد الغناء وضد الرموز الغنائية مثل محمد عبده الذي له العديد من المعجبين والمعجبات الذين يقرؤون مقالي الآن والغضب يملأ قلوبهم مما أقوله عن فنانهم المحبوب. وأنا لا أشكك في صدق تركي الدخيل ومحمد عبده ولكن أنا أحاول أن أبين التناقض الواضح في ما قالوه وما يعرفه كل المجتمع السعودي عن رأي الشيخ في الغناء.
وفي الوقت ذاته أحاول أن أبين الأسلوب الخاطئ في تناول المواقف الشخصية من قبل بعض الإعلاميين من أجل الخروج باستنتاجات مسبقة.
والمغزى من وراء ذلك هو إظهار الحقيقة التي لا يريد العديد التأكد منها إذ للأسف هناك صنف كبير من الناس لا تريد التثبت من الحقائق بل تريد أن تجد ما يتماشى مع أهوائها، ولهذا سارع العشرات من قراء المقال على إنترنت إلى الاستشهاد بحقيقة القصة والخروج بإحكام شخصية وفردية عن الغناء وعن الشيخ العيثيمين.
وهذا ما يحدث دائماً عندما يتكلم الإعلام في قصة غير كاملة الأبعاد وخارجة عن السياق. وهذا يذكرنا تماماً بالذي يحرم الصلاة في الإسلام استنادا على قول الله: (ويل للمصلين) بدون أن يذكر سياق الحكم ويبين (الذين هم عن صلاتهم ساهون).
سقطة من سقطات تركي الدخيل أم كبوة ولكل جواد كبوة أم محاولة لدعم توجه جديد لدى الإعلام والمجتمع السعودي؟ لا أستطيع الإجابة إذ أن كل ما أستطيع قوله هو: ماذا يريد تركي الدخيل بالتحديد وهو يعلم كل العلم من هو محمد إبن عثيمين؟ كيف لا وتركي خريج صحيفة "المسلمون"، وإن أصبح هو نتيجة للمتغيرات العديدة التي ظهرت في المجتمع السعودي والذي تغيرت معالمه كثيراً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. | |
|